سُن قانون المواطنة في الكنيست في 1952 وتضمن قائمة من الشروط لتلقي المواطنة الإسرائيلية. سُن قانون المواطنة والدخول إلى إسرائيل (أحكام طوارئ) للعام 2003، في أوائل ما سمي خطأ “الانتفاضة الثانية”، لمنع سكان غزة والضفة الغربية من اكتساب مكانة مواطن أو المكوث بتصريح عقب الزواج بزوج أو زوجة هما مواطنان في دولة إسرائيل.
المنطق الذي وقف خلف أحكام الطوارئ كان منع العمليات داخل أراضي دولة إسرائيل في أثناء تلك “الانتفاضة”، التي كانت مواجهة مسلحة بكل معنى الكلمة. لم تكن هذه ثورة ذات مزايا شعبية، بل تضمنت عمليات إرهابية بمبادرة عرفات وبالتوازي بمبادرة زعماء حماس والجهاد. في أساس القانون جرى تفكر من وزير الداخلية للسماح بدخول فلسطينيين للم الشمل مع أزواجهم في إسرائيل لاعتبارات إنسانية. وبالطبع يمارس وزير الداخلية صلاحياته من خلال لجنة تضم مندوبين عن جهاز الأمن العام مع آخرين. كان مفعول أحكام الطوارئ يمدد بين الحين والآخر.
استهدفت أحكام الطوارئ سطحياً منع دخول عناصر إرهابية إلى إسرائيل بذريعة لم شمل العائلات، لكن الاعتبارات كانت أوسع بكثير. وبرأيي، ثمة اعتباران آخران على الأقل. أحدهما تقييد حق العودة بحكم الأمر الواقع؛ والثاني منع “استيراد” النساء من المناطق، أي منع ظاهرة شراء النساء من عائلات فقيرة. عملياً، سواء مع أحكام الطوارئ أو بدونها، فإن صلاحيات وزير الداخلية في عدم إقرار دخول فلسطينيين إلى أراضي دولة إسرائيل لغرض لم شمل العائلات – موجودة وقائمة”، وعلى أي حال، كل من رفض دخوله إلى الدولة يمكنه أن يرفع طلباً بفحص الأمر لاعتبارات إنسانية. وعليه، فسيدعي المدعي بأنه -مع القانون أو بدونه- لا يوجد تغيير للوضع بحكم الأمر الواقع. ليس بوسعي قبول هذا الادعاء.
في الالتماس الذي رفعه إلى العليا رقم 07/466 زهافا غلئون وآخرون ضد المستشار القانوني للحكومة، قضى القاضي ملتسار بأن البدائل التي اقترحها الملتمسون بدلاً من القانون موضع النقض وبينها الفحص الفردي لطالبي الدخول إلى إسرائيل، ليس فيها جواب على المصاعب الأمنية الناشئة بالعموم، وأن الفحص الفردي المقترح ليس واقعياً.
القلب يميل للقول بأن من حق كل إنسان لم شمله مع زوجه. عملياً، تضيّق الديمقراطيات الأكبر في العالم هذا الحق لاعتبارات مختلفة – من اعتبارات الأمن، عبر الاعتبارات الاقتصادية، وحتى الرغبة في الحفاظ على طابع الدولة. في هذه الحالات، فضلت الدولة مصلحة العموم على مصلحة الفرد. برأيي، الحاجة إلى مواصلة وجود قانون المواطنة (أحكام الطوارئ) تكمن أولاً وقبل كل شيء في الرغبة بقطع الصلة الإشكالية بين الفلسطينيين في مناطق غزة والضفة الغربية، وعرب إسرائيل، في كل ما يتعلق بالهوية القومية. فبقدر ما يدخل عدد أكبر من الفلسطينيين من المناطق [الضفة الغربية] إلى الدولة، فستغلب هوية وتماثل عرب إسرائيل مع سكان المناطق، ومثلما رأينا في حملة “حارس الأسوار” فإن الصلة بين هاتين الفئتين السكانيتين كانت أقوى من أي وقت مضى، وعدد المشاغبين من بين عرب إسرائيل يدل على أن كلمة “حفنة” ليست في مكانها.
لست ساذجاً بأن أفكر بأن قانون المواطنة (أحكام الطوارئ) سيمنع بالضرورة تضامن عرب إسرائيل مع سكان المناطق، ولكن فيه تصريحاً يضع حدوداً واضحة بين الفئتين السكانيتين، وذلك بالطبع إلى جانب الحاجة إلى تنفيذ أعمال أخرى توضح لسكان عرب إسرائيل بأن عليهم أن يختاروا جانباً ما.
طالما تواصل الإرهاب الفلسطيني، وطالما يصعب على أجهزة الأمن التمييز بين المساعدين للأعداء وغير المساعدين، يجدر أن يرفض حق الأقليات في وجود حياة عائلية في إسرائيل أمام حق عموم مواطني إسرائيل في الحياة والأمن. وعليه، فمن المهم لأحكام الطوارئ أن تمدد.